أَنْفَاسْ..

الأحد، 2 يناير 2011

الهاديء


قطي الأحمر الذي أتى إلى بيتنا من حيث لا ندري وبشكل مفاجيء ليستقر عندنا ونجد أنفسنا مسئولين عن إطعامه هو وأمه وأخته والذين تعلقت بهم لأبعد الحدود, كان على ما يبدو مريضا فقد كان قليل الأكل قليل الحركة قليل اللحم حتى! كنت أشفق عليه كثيرا وأخصه بحصة أكبر من الطعام, هذا الهاديء خفيض الصوت أصبح أعمى ذات يوم ماطر تفاجئت لذلك وهرعت لأراه وإذ بالدماء تهطل من عينيه والصديد كان قد ملأ وجهه يمشي ويتخبط.. ولولا أن قلبي فيه ما يكفيه هذه الأيام وله الحق كل الحق ليبكي (من) أشياء كثيرة لا (عليها) لقلت أنني بكيت كثيرا جدا على هذا الهاديء!
في ذلك اليوم غزير المطر وضعته في بطانية ودفأته وتركته لكي لا يشعر بالخوف لأنه لن يستطيع أن يرى حتما من يقترب منه ويفعل به ذلك الشيء المجهول, كنت أشعر بخفقات قلبه وعالمه الأسود الذي وجده يفرض نفسه عليه فجأة ليزرع الخوف في أجزاء جسده النحيل من أي صوت أو أدنى حركة تقترب منه, لذلك كنت أحرص أن أسمّ الله وأذكره بصوت مرتفع علّي أمنحه الأمان.. بعد ساعة وجدته هائما على وجهه حائرا تحت زخات المطر يحاول احتواء ذاته وحمايتها من ماء السماء الذي ربما حاجته إليه وجوعه هما اللذان أخرجاه من مخبئه فحملته ووضعته في مكان يحميه من المطر والبرد وأتيت له بالطعام فرفض, حاولت إطعامه فلم أفلح كان مشمئزا منكرا لكل شيء حوله, أخذت ألح على أبي أن يعالجه فأجل ذلك لليوم التالي, لكن اليوم التالي لم ينتظر حظ ذلك الوديع ليعدل من نفسه فيجد من يفعل ذلك لأجله حقا! لقد وجدناه قطعة خشبية واحدة متجمدا لا حياة فيه.. بكيت هذا اليوم كثيرا وآلمني قلبي جدا..
الغريب أن أمه وأخته لم يقتربا منه بتاتا تلك الفترة وكأنهما خشيا أن يحملا نفس المرض, الأمر الذي لم أفكر فيه مثلهما وأنا أتعامل معه بتلك الحميمية.. فكرت فقط لو أنني كنت مكانه في ذلك الجحيم والرعب الأسود, هل سأجد من سيقول لي على الأقل:"أنا أشعر تماماً بكِ! وأشعر بخوفك جدا" كما قلت هذا لذلك الهاديء حينها؟!

هناك 4 تعليقات:

صالح خضر يقول...

كلنا كذاك الهادئ نحسب أننا لوحدنا نتألم، نحزن لأن البعض تخلى عنّا وأن البعض الآخر أدار لنا ظهره، لكن.. هناك دوماً من يهتم!

حياة..
هناك دوماً من يهتم!
كوني بخير لأجله

حياة الألم يقول...

فعلا يا صالح :)

سأكون..

وكن دائما هنا :)

هديل يقول...

وجعتيلي قلبي :(

الله لا يحرم حد من حبيبتيه و لا يحرمه الدفا و الحنية :(

حياة الألم يقول...

هديل/
قديش فرحت فيكي :)
آمين يا راقية الله لا يحرم حد من الدفا..