أَنْفَاسْ..

الأربعاء، 12 يناير 2011

عصرية في حي سلوان


***
أحمد قراعين* أصيب في قدميه وهو يدافع عن ولديه أمام مستوطنيْن يهودييْن في إحدى أزقة حي سلوان في مدينة القدس, يصاب في قدميه أمام ولديه حين يطلق عليه المستوطن رصاصة في فخذه الأيمن عن بعد نصف متر فقط على حد قوله.
والذي حدث بالضبط هو أن أحمد كان جالسا في بيته فسمع صراخ ولديه فهرع إليهما ليجد أن اثنين من المستوطنين قد تعرضا لودليه؛فبادر بسؤالهما ليفهم كعملية أولية للرد فقال:"إيش فيه؟" وإذ بأحد المستوطنين يرد مخاطبا الآخر:"طخ.. طخه"!
وبلمح البصر وجدت الرصاصة مكانا لها في فخذه الأيمن لتلحقها أخرى أمام صراخ ولديه وجمود الشرطة "الشرطة الاسرائيلية" أمام هذا الحدث و(تمريقه) على أن المستوطن كان يدافع عن نفسه ليس أكثر!
علي أحمد قراعين** الذي لم يتجاوز عمره الحادية عشرة أعتقد وأخيه الأصغر بعد أن أتيا من جلسة إعداد نفسي ليستطيعا تجاوز ما حدث ذلك اليوم يحتضن والده ويبكي بحرقة وهو يتذكر ما حدث وهو يقول:"بدهم إيانا نطلع من البلد.. ما يحلموش, مش راح نطلع منها.. مش راح نطلع منها"***
و.. نقطة.
/
نفس الفيلم الوثائقي الذي عُرض على الجزيرة الوثائقية جرى هذا الحوار ما معناه بين معدة الفيلم ورجل صهيوني من المهتمين بالآثار أنه كان يحاول طمس معلم ما من المعالم الفلسطينية العريقة وهو يدعي أنه يدافع عن تاريخه وتاريخ أجداده فعارضته المذيعة بأنه هكذا يعتدي على تاريخ الفلسطينين ويمحو حقهم في أن يكون لهم ماضي فقال لها بتلقائية ليست بعفوية "الفلسطينيون من هم؟ الفلسطينيون شعب وُجد منذ ستين عاما فقط"!
.
*أحمد قراعين مواطن يعيش في حي سلوان في مدينة القدس ألقى هذا الفيلم الضوء على قصته على سبيل المثال وليس الحصر على تلك الجرائم التي تُرتكب بحق الثابتين هناك والمنسيين على الأغلب!
** علي ابنه الأكبر لأحمد قراعين والذي شاهد الحادثة وكأنه ليس من حق الأب أن يحمي ولديه حتى أو الطفل من أن يحيا حياة طبيعية مع والده أو لمجرد أن يلعب معه لعبة (الشريدة) مثلا بتلك الساقين الاصطناعيتين.


***شفتو الصورة؟
.حكي علي لم يأت من لا شيء

الخميس، 6 يناير 2011

بعيونك حكي*..

بعيوني بكي..
بفهم شو بكي.. وليش ملبكي..
*لينـــــــــا..
:)


كلما التقينا يا رفيقتي العزيزة ألمح في عينيك عوالم لا يمكنني معرفتها إلا من خلال هاتين الجزيرتين السواداوتين اللتين تعزلانني بشكل غريب عن كل ما حولي, تعلمين أنني لا أستطيع أن أحزن أو بمعنى آخر لا يحق لي الحزن في وجودك,, فلماذا لا أستطيع أنا أيضا حرمانك ذلك الحق!

علاقتنا ليست وليدة الصدفة ولا نتيجة لانعكاسات القدر.. أذكر أننا لم ننسجم إلا بعد فترة طويلة,وبعد أن قربتنا المصالح ما لبثت أن فرقتنا ومنذ ذلك الحين ونحن نسير عكس التيار.. نلتقي أكثر من يوم في الأسبوع رغم كل شيء.. تحاول كل منا أن تفتح أي شيء يغلقه الآخرون..
نحاول أن نكون صفحات بيضاء.. مرايا.. انعكاسات زجاجية.. أو شيء من هذا القبيل!
لكل منا صرة تخبيء فيها أحلامها تحيكها من خيوط الشمس وقطن الغيم, وتحبكها بعناقيد العنب الصيفية, نملأها بالنجوم بشهب سقطت صدفة بابتسامات نقية نتخمها بالحكي والأمنيات..
نقف ذات مطر نفتح تلك الصرة ونطلقها للريح ونبعثر ضحكاتنا في المدى ونعود لنملأها من جديد!
ألملم خيباتها وأرميها للبحر, تلملم هي دمعاتي وتبذرها في الغيم..
أزرعها في الشتاء وتحصدني في الربيع
أمطرها وتمطرني
أضيعها في المدى وتجدني..
نلمس سطح حبة الندى بأصابعنا ونضحك بجنون!
ليلة رأس السنة خبئت دموعي تحت وسادتها وامتصت جميع خيباتي بنقائها وأودعتها كل أمنياتي :)
قد أُصبح الآن أكثر اطمئنانا عليّ..
كونوا بخير مثلي يا رفاق :)

الأحد، 2 يناير 2011

الهاديء


قطي الأحمر الذي أتى إلى بيتنا من حيث لا ندري وبشكل مفاجيء ليستقر عندنا ونجد أنفسنا مسئولين عن إطعامه هو وأمه وأخته والذين تعلقت بهم لأبعد الحدود, كان على ما يبدو مريضا فقد كان قليل الأكل قليل الحركة قليل اللحم حتى! كنت أشفق عليه كثيرا وأخصه بحصة أكبر من الطعام, هذا الهاديء خفيض الصوت أصبح أعمى ذات يوم ماطر تفاجئت لذلك وهرعت لأراه وإذ بالدماء تهطل من عينيه والصديد كان قد ملأ وجهه يمشي ويتخبط.. ولولا أن قلبي فيه ما يكفيه هذه الأيام وله الحق كل الحق ليبكي (من) أشياء كثيرة لا (عليها) لقلت أنني بكيت كثيرا جدا على هذا الهاديء!
في ذلك اليوم غزير المطر وضعته في بطانية ودفأته وتركته لكي لا يشعر بالخوف لأنه لن يستطيع أن يرى حتما من يقترب منه ويفعل به ذلك الشيء المجهول, كنت أشعر بخفقات قلبه وعالمه الأسود الذي وجده يفرض نفسه عليه فجأة ليزرع الخوف في أجزاء جسده النحيل من أي صوت أو أدنى حركة تقترب منه, لذلك كنت أحرص أن أسمّ الله وأذكره بصوت مرتفع علّي أمنحه الأمان.. بعد ساعة وجدته هائما على وجهه حائرا تحت زخات المطر يحاول احتواء ذاته وحمايتها من ماء السماء الذي ربما حاجته إليه وجوعه هما اللذان أخرجاه من مخبئه فحملته ووضعته في مكان يحميه من المطر والبرد وأتيت له بالطعام فرفض, حاولت إطعامه فلم أفلح كان مشمئزا منكرا لكل شيء حوله, أخذت ألح على أبي أن يعالجه فأجل ذلك لليوم التالي, لكن اليوم التالي لم ينتظر حظ ذلك الوديع ليعدل من نفسه فيجد من يفعل ذلك لأجله حقا! لقد وجدناه قطعة خشبية واحدة متجمدا لا حياة فيه.. بكيت هذا اليوم كثيرا وآلمني قلبي جدا..
الغريب أن أمه وأخته لم يقتربا منه بتاتا تلك الفترة وكأنهما خشيا أن يحملا نفس المرض, الأمر الذي لم أفكر فيه مثلهما وأنا أتعامل معه بتلك الحميمية.. فكرت فقط لو أنني كنت مكانه في ذلك الجحيم والرعب الأسود, هل سأجد من سيقول لي على الأقل:"أنا أشعر تماماً بكِ! وأشعر بخوفك جدا" كما قلت هذا لذلك الهاديء حينها؟!