أَنْفَاسْ..

الأربعاء، 17 مارس 2010

وننبض بالحيــاة ..

*وجــــه آخر ..
كَوْني فلسطينية كل قطرة دم تجري في شراييني هي غَزِّية بحتة خالصة لا شائبة تشوب أصالة نسبي لابدَّ وأنّ كلّ خليةٍ في جسدي تتوجه الآن بكل أيضياتها نحو القدس -على اعتبارها الشغل الشاغل للإعلام وأفواه الناس هذه الأيام لما لا يخفى على أحد من محاولات تهويد ومسح لكل أثر يدل على وجود معلم تاريخيّ أثريّ دينيّ إسلاميّ قدسيّ يسمى المسجد الأقصى عن أرض بيت المقدس , بل ومحاولة ليس فقط محو التاريخ بل وإعادة صياغته من جديد ..
لكنني وبصراحة هنا لأنقل الشيء الآخر ؛ فذاك قد زخرت به وسائل الأعلام مع أنني لا أظنّها أدَّت القضيَّة حقها إلا أنني فقط أردت إكمال الجزء الناقص من تلك الصورة التي تُظهرها شاشات التلفزة ..
كُلنا شاهد في الآونة الأخيرة تلك الاشتباكات المتأجِّجَة بين الفينة والأخرى بين الحجر والبندقية , بين الرجل الفلسطيني والمُدَرَّعة .. رأيتم أيضاً عيونا لامعةً غضباً وحَميّة .. عيوناً محدقةً شامخةً صارمةً مقابل عيونٍ خائفة تلف حول نفسها ماسحة المكان الذي تقف فيه ألف مرة في الثانية , وليس عجباً أن تلك العيون الخائفة هي التي كانت تحمل البندقية وتحتمي بالمدرعة إن كانت بلا قضية , وبلا إيمان أيضاً ..

كُلكم تعرفون هذا الكلام ولكن ,أرأيتم تلك العيون الغاضبة قبل هنيهات كيف كانت تبرق حباً وعطفاً ولهفةً ولوعة ..؟
ذاك المناضل الذي يُقبِّـل عيني ابنته قبل أن يذهب لتشعله تلك القبلة ناراً من شوقه تارة وعلى عدوه تارة أخرى! ما الذي رآه ذلك العاشق في مقلتيها كي تمنحه قوة تعينه على تحمل الألم قرونا ؟!

إنّه الوطن .. وجدهُ في عينيها السوداوتين .. إنه يدافع عن عشقه .. إنه مؤمن أن الوطن هو الحُـبّ وأنّ القضية ليست فقط أرضاً صمَّاء ,
إنّها حَيََّة .. تنبضْ ..

*أَسَبَقَ وأنْ أَقلقَ مضجعكم صوتٌ ما , وحرمكم لذّة النوم بعد يوم شاق وقاسٍ جداً .. !
وما كان ؟
أَكَانَ صوت نعجة تَئنّ ألماً في مخاضها .. !

تلك كانت معاناتي ليلة أول من أمس بعد قضاء يوم مرهق بكل المقاييس .. الأخبار المؤسفة التي تسمعها , وقلبك الذي يعتصر ألماً .. العيون الباكية , والأخرى المتوعدة .. الأصوات الهاتفة , وتلك الخائفة ..
وسط تلك المَعْمَعَة وفي سكون الليل .. ليلة الثلاثاء 16/3/2010 كانت نعجة قد دبَّ الطَلْقُ في أوصالها ..
المزرعة التي أسكن أنا بقربها تعُجّ بأنواع الماشية من ماعز وأغنام وخواريف وغيرها وفي كل يوم كانت تلد إحدى الإناث الحوامل وكنت أراقب ذلك بشغف وكأنّ كلّ شيء وأيّ شيء يذوي .. كلّ المشاهد يُسدل عليها الستار ليُرفع عن مشهدٍ واحدٍ فقط .. غنمتين وليدتيْن حديثاً تتسابقان للفوز بظئر الأم أولا .. وفي كلّ مرة كانت تنجح تلك الغنمة السوداء المرقطة بالأبيض, أما السوداء الخالصة فكانت تقاوم فتفشل ثم تجلس وحيدة في الزاوية منتظرة دورها التالي بعد انتهاء شقيقها من وجبته ..

في كلّ مرة كانت تُولد فيها نعجة لم أكن أسمع صوتاً لكن تلك الليلة كان صوتاً ظلّ يصرخ طول الليل .. كانت ولادتُها متعسِّرة : ( ..
لِمجرَّد التفكير بعملية تخليص رُوح من رُوح مؤلمة بحدّ ذاتها .. كاد قلبي يتفطَّر ألماً عليها ولم أستطع النّوم مطلقاً ..
تلك هي الصورة ولكن الجزء الآخر ..
لِمَ تلك الليلة بالذات !
أكانت تريد إيصالَ رسالةٍ ما ..

صوتُها الذي كان يئنّ طيلة ليلة كاملة مزعجاً الهدوء والسبات الذي كانت تغرق به المنطقة , أَكَانَ يتعمّد إيقاظنا! ربما ليس نومنا الجسدي بل ربما أرادت أرواحنا .. لتقول: لستُ أنا .. إنّها القدس !
عندما أشرقت الشمس كانت قد وُلدت النعجة الصغيرة كانت بيضاء لا يُعكر صفو بياضها شيء , وهدأت الأم بعد ليلة كاملة من المعاناة والصراع مع الألم ..
أولئك الأنجاس الآن يريدون بناء (الهيكل المزعوم) على حساب المسجد الأقصى وفي ذلك تهديد علنيّ مصرّح به بهدمه ..
لا أستطيع الربط بين الحدثين ولكن هناك علاقة ما .. لا أدري كيف أنسجها لكي تصل إليكم.
لكن ربما النقطة هنا خير من الفاصلة , فالكلام ليس دائما يمكنه إنصاف ما يحدث .

*وتمضي عواصفـا ..
مسيرات تناقلتها الفضائيات شهدتها كل بقعة لم تعد تستطيع حمل أقدام الثائرين في فلسطين ..
وجوه متجهمة .. أصوات مستصرخة .. وأيدٍ تحمل أعلاماً , وأخرى .. هناك بين طلاب المدارس الابتدائية طفل يتشبث بحقيبته المدرسية خوفاً .. هو لا يدري لِمَ هو هنا , وبعينين حائرتين يتلفت حوله يمنة ويسرة علّه يجد وجهاً مألوفاً ليعيده إلى بيته .. !
يهرع إليه مُصَوّر يبحث عن لقطة مؤثرة علّها تُجَلْجِلُ ضميرَ أحدهم .. يُصوّر حزن قسمات ذلك الطفل .. يُسلِّط الضوء على دموعه .. وعلى رأسه كانوا قد ألبسوه شريطاً كُتِبَ عليه .. " لا هُنْتَ يا أقصى " ..
و.. مهما اكتملت الصورة لابدّ وأن يبقى جزءا ناقصا .. !

*من سجون الليل تنتزع النَّهار ..
هذه بلادي واعلموا أنَّ الصِّغار من دوْلة الأحلام تمتلك القرارْ ..

السبت، 6 مارس 2010

ميلاد الشّمْسْ ..


عفوا , أنا لن أتكلم عن تاريخ الكرة الأرضية و كيف أن بدايتها ما كانت لتكون لولا ولادة الشمس , ولكني سأتكلم عن تاريخ الأمل الذي ما كان ليكون قد وصلني ربما أو كثيرون من قبلي وممن سيأتون بعدي لولا وصول أشعة شمس قد ولدت منذ تسعة وعشرين سنة من الآن ..

أنا أيضاً لا أتكلم عن شمس تطلع كل صباح و تغيب في الليل , بل هو أحد يذكرني اسمه بقرص الشّمس بغض النظر عن معنى اسمه الحقيقي وشيء آخر , هو لا يغيب في الليل ..
هو موجود بوجود الأمل في نفوس كل من يعتاد على عينيه .. عفوا , لكنه أخي !

وإذا أردتم معرفة اسمه الحقيقي فعليكم أولا أن تتقنوا فهم كل لغات العالم , وعليكم أيضا معرفة خبايا الأنفس , أخي كل الناس !
انظروا إلى إشراقة الشمس كل صباح أو لكم أن تروا ماذا تفعله تلك الساحرة في يوم غائم ماطر حين تحارب الغيوم وتطلع معلنة أن الأمل هنا حيث تصل أشعتها الدافئة ,, حيث كلّ مكان !
حينها سترون أخي ..

* إلى أخي العزيز .. كل عام و الدنيا بخير ..