أَنْفَاسْ..

الأحد، 27 ديسمبر 2009

عاشت رغم جنون الفناء ..

لا أستطيع أن أستوعب شيئا ,, أنني سلكت طريقا معينا في يوم كهذا ..

أوصلني ذلك الطريق إلى بيت كأنه الجنة !

ولكن ككل شيء جميل تخطفه شهوة للفناء لم يعد موجودا كنتيجة منطقية بل و حتمية لذكرى لونت يوما كهذا بالأسود ..

أذكر تماما ذلك الطريق الذي يبدأ بمدرسة الجليل الثانوية للبنات ويطوي في منعطفاته بيوت صديقاتي واحدة وراء أخرى تنسل من بين يدي كعقد فرطت حباته اللؤلؤية ..
على أحد جوانبه كانت تقبع مشفى القدس ومن ثم مركز الأمن الوقائي ومن بعدها أظل متوجهة وحيدة إلى حيث تقبع الجنة ,, وبما أنه في الدنيا لا يوجد ما يسمى بالجنة فمن المفترض أن مصيره لا يخفى على أحد!

كان ذاك الطريق على غير عادته مشئوما مليئا بالنساء اللاتي كن يهرعن على فلذات أكبادهن حيث المشفى ,, كل شيء كان يعترض طريقي ذاهبا إلى حيث المشفى في ذلك الوقت ..
أذكر أنني وصلت إلى شارعنا لأجد أن شهيدا أو اثنين قد سقطوا و رأيت أمي خائفة تنتظرني في منتصف الشارع قلقة علي إذ إنني بصراحة هربت من موقع السيارة التي من المفترض أن تحملني إلي البيت لأنني فضلت العودة مشيا ,, " يباسة راس .." عقولة ماما !

أذكر جيدا أيضا أنني عدت إلى *الجنة لأجد أن شباك غرفتي فيها قد كُسر وانهالت قطع الزجاج المتناثرة على شرشف مكتبي الذي كان يقبع تحته وقد كانت شجرة الياسمين (المتشعبطة) على حديد النافذة قد وجدت فرصتها أخيرا لتغزو غرفتي ,, أذكر أنني أمسكت بالشرشف ونثرت قطع الزجاج العالقة فيه على حبات الرمل في الجنينة ونظرت قليلا إلى الأهالي الثائرين غضبا و أنصت قليلا إلى الزغاريد الحزينة التي كانت تصدر من أفواه عجائز كن ليعرفن ما الذي تنذر به الساعات القادمة من مصائب ,,

ثم أخذت نفسي وشددت روحي إلى غرفتي ثانية لأفتح كتاب الرياضيات و أشرع في الدارسة حتى ما لبث صوت التلفاز ليعيدني مجددا و .. بلا مقاومة استجابت عيناي لما كانت ترفضه منذ ساعات و .. انهمرت
أذكر أنها هطلت فوق وردة جورية بيضاء كنت أقبع جانبها كشريدة !

بعد أشهر ,,
في شهر مايو تحديدا عدت إلى هناك , حيث الجنة لأجد أنها لم تعد كذلك بل حجارة متراكمة فوق بعضها تحتجز داخلها كل أحلامي بقسوة ,, لكن شيء ما شدني ..
كانت تلك الوردة الجورية البيضاء وجدت أخرى قد نبتت من بين الحجارة معلنة أنها لازالت باقية لأن فتاة بعمر الزهور مرة سقتها بدموع ساخنة ,, شجرة الياسمين أيضا التي كان حديد نافذتي يمنعها من الولوج إلى عالمي الصغير داخل مملكتي الصغيرة في غرفتي , كانت قد نهضت من جديد لتعلن عن وجودها معلنة الولاء لأميرتها التي كانت قد هجرتها وهجرت تلك الحجارة الصامتة منذ شهور ,,

ثلة أقحوان نبتت في القرب أيضا ,,

الآن لا يوجد شيء أصبحت الجنة أرضا قاحلة !

*الجنة بيتنا الذي هدمته جرافات الاحتلال في الحرب الأخيرة على غزة

كونــــــــوا بخير يا أصدقاء

هناك 6 تعليقات:

غير معرف يقول...

يظلُّ هذا الشعب، بإرادته أو عن طريق صدفة إلهيّة، شعبًا جللاً، علامةً فارقة في التاريخ المعاصر، منذ طوفان نوح، وحتّى تلفظ التربة آخر ياسمينة .

(F)

حسام عياد يقول...

رااااائعه ياألاء

كلمات مؤثرة وتعبير واضح سلس يسلمو ايديكى

ربنا مايعيد الايام يارب

تحياتى الك

حياة الألم يقول...

محمود /

لكَ ثلة ياسمين : )

ظلّ بالقرب يا صديقي

حياة الألم يقول...

فاجئتني يا متر ؛)

أهلا بكَ دوماًُ

تحياتي
(F)

جارة القمر يقول...

باقة ياسمين لرقة قلبك

احتاج لوقت للتصفح والتمعن

رائعة انتي وأكثر

حياة الألم يقول...

راقية كما هي ردودك عزيزتي جارة القمر ..

يا حظي بمرورك الرائع

تحياتي صديقتي

:)