أَنْفَاسْ..

الاثنين، 20 أبريل 2009

ليلة المنتصف

أخذت تغزل من خيوطها الفضية شرنقة أعدتها لاستقبال حبيبها الذي اشتاقت إليه....إنها
تفتقد من تمارس عليه شقاوتها...من يتقبل مزاحها الثقيل ومقالبها السخيفة...مع أنها كانت
قبل أيام لا تأبه به..إذ انه بات عجوزا...إلا أنها الآن تحيك بيته بيديها...رمته في أحشاء الليل.. احتضنه الليل..تتبلور الشرنقة يوما بعد يوم.. يكبر الجنين في داخلها...ترضعه من نهدها قطرة.. قطرة.. يكبر.. يكبر.. ويتدور.. لم تستطع الشرنقة الصمود.. تحولت الى فتات..تناثرت في السماء.. تبعثرت كما اللآلئ.. اختبأت بين ثنايا الليل الحالك..طغى عليها نور مبهج.. نعم... انه البدر..حل ضيفا على الدنيا.. يحتل مكانة النجوم والمصابيح..بهي كشاب وسيم.. أعلن في ليلة المنتصف عن استعداد قلبه لاستقبال الزوار..سوف يتعلم من أخطائه.. سوف لن يقع في الشرك مجددا...أميرة وأخرى وملل لا يطاق.. وقلب حزين.. وحيد..لا أنيس.. ولا حبيب...ينتظر.. وينتظر.. ما من زائر استطاع أن يقف على أعتاب قلبه.. ما من أحد يدق الباب..ساعات.. وينتظر.....لكن...!لقد دخلت دون استئذان.. دون سابق إنذار..نور تحاول إخفاءه بالسواد الذي يلف جسدها المرهف..انحنى أمامها.. مدت إليه يدها.. باردة كما الثلج.. شفافة كما الماء..يرقصان.. على أنغام الكمان..ألحان كلاسيكية تعزف أخذت تسرق الوقت منهما..لا زلنا في بداية النوتة...يرقصان.. ينظر إلى عينيها الزمردتين..كشف الغطاء عن رأسها.. وما إن رأى شعرها حتى تعلق بخصلة منه وغاص في أعماقه...ذاب عشقا في سواده..أسند رأسه على صدرها.. سرح في جمالها..ولكن.. شيء أيقظه من سباته..أحس بقلبه ينتزع من مكانه..لقد هربت الأميرة..نعم.. لقد دقت ساعة الفجر...إنها تركض.. انتظري.. لم تنتهي المعزوفة..لا زلنا في بداية النوتة..يلحقها.. تركض.. تسقط فردة الحذاء.. تقف هناك في الأفق..تبتسم.. تذوب في الهواء.. تتدثر بالغيوم.. نور عم أركان الدنيا..يا الهي! هل حان وقت رحيله؟! لو أن الله يمد بعمره ساعات بعد.. ليبحث عنها.. ليكمل القصة.. لينهيها كما اعتادت أن تنتهي..هل يحتج..؟ تقاليد القصة لا تسمح بهذا.. لن تسمح بالنهاية قبل أن تقيس الأميرة الحذاء وتركب الحصان الأبيض خلف أمير أحلامها.. ولكن ما الجدوى؟عيونها الناعسة.. لا تفارقه.. وماذا بامكانه أن يفعل؟..هل يغير الطبيعة..كيف؟ وهل يستطيع أن يمد الليل أكثر ..؟رداؤها الأسود.. تركته ورائها.. حذاؤها..لقد رآهما.. انهما لها.. نعم.. إنها هي..لقد عرفها.. في كل ليلة المنتصف من كل شهر..تستغفله.. تستغل حبه لها.. لن يتعلم من أخطائه.. يقع في شركها دوما.. لا يستطيع المقاومة..نجمة الشمال..ابتسامتها الساخرة.. قلبها الجليدي.. حبها الدافئ.. حذاؤها المعكوف..رداؤها الأسود..مهما تلونت.. مهما تغيرت.. تبقى هي.. نجمة الشمال..شفتيها الياقوتيتين اللتين لطالما أذاقاه ريقها الحلو المذاق.. نهديها المتلألأين اللذين لطاما ارتوى شهدا كان يقطر من حلمتيهما...إذا.. كيف لا يسمح لها أن تستغله.. أن تسرق قلبه.. أن تجرحه..!لم لا..؟! إن كانت ستداوي جرحه بقبلة تنسيه غرورها.. لؤمها.. تنسيه نفسه..في ليلة منتصف الشهر القادم.. يغمض عينيه ليحلم.. ليتصور هيئتها القادمة..لكي لا يخدع مرة أخرى.. سوف يتعلم من أخطائه.. سوف لن يقع في شركها مجددا...يبتسم وهو يقول..هه.. هيهات.....
إلى هنا..

ليست هناك تعليقات: