خَلَعَتْ ملابسها ببرود غير معتاد و صوت خرير الماء يساعدها على الاسترخاء أكثرْ , و .. تتنفّسُ بعمقْ .. تحاول ألا يَسْمع نشيجَها أحدْ ,,
أَغطستْ رأسها تحت صنبور المياه المعلّق على حائط الحمّام , لا يهمها إن كانت ستختنق أم لا!
لكنّه كان يهتم هُـوَ بذلك , يديـْهِ تزيحان شَعْرَهَا المنسدل على عَينيْها , وتحاول أن تمسح قطرات الماء المنهمر على وجهِهَا , بعينيْن مبتسمتيْن تواقتيْن ومتلهفتيْن ...
لَسَعَتْهَا حرارةُ الماء و كأنّها أيقظتها , وبعينيْن أغشاهما الدمع تنظر إلى جسدها .. آثار شيء ما بدأ يَبُوشْ .. إنّـه حَرْفهُ كانت قد نقشَته على صدرِها من قبل , بدأ الماءُ بمَحْوِ آثارِه و .. البخار الساخن يتصاعد ...
يُمسكُ يديها , يحاول أن يمنحَهُما الدفءَ في صباحٍ ماطرٍ كذاكَ الصباح الفيْروزيّ الأبيضْ .. لاتزال تذكر ذلك اليوم , كانت أول مرة يهمس في أذنِها "أُحِبُّكِ" , كانت منذ سنة ,, تذكر أيضاً كم كانت عَينيْه صَادقتيْن ويَديْه دَافئتيْن ...
تَفركُ بيديْها ما لمْ يستطع الماءُ إزالَتَهُ من بقايا حرفِهْ .. تَسْتنشق بقوّة و تُغْمضُ عينيْها المنتفختيْن , وكأنَّما سكّيناً حلّتْ مكان حرفه لتنثر قلبَها كغبار نجمٍ قدْ قضى ...
يترك يديْها : آسفْ ,, لستِ لي ..
قبل ساعة كانا يرتشفان القهوة سويّاً حين قال ما قالْ ..
يُكْمل :أنا أحْبَبْتُكِ , لكنني لا أظنكِ قدرِي , أو أقصد أنا رحلتي طويلة لا أريدُ أن أظلمكِ معي , أنتِ تستحقّين الأفضل صدقيني .. ليْس من العدل أن تظلّي في انتظاري كلّ هذا الوقتْ ...
قال الكثير وقتها لكنها لا تكاد تذكر شيئاً , و لكن ..
: أَمِنَ العدْل أن تتركني وأنا أحِبُّكْ , من قال لكَ أنني أريدُ الأفضلْ , وما شأنُكَ أنتَ إن كنتُ أنا راضيةً بظلم نفسي إن كنتَ تعتبر بقائي معكَ ظلْماً , لماذا تعتقد أنني لن أصْبِرْ , ألا تعلم أنني أتلذّذ بعذابِكْ , أُحِبُّ ظُلْمَكَ , عنادك .. غروركَ وكبرياءكَ , أعشق انتظاري إيّــاك و أستمتع بنار شوقي إليْكْ .. لِمَ فعلتَ هذا!
لكنَّها لم تصرخْ بذلك , هي لم تنبس ببنت شفة , وبينما كبرياؤها كان يلفظُ أنفاسَهُ الأخيرة كان هو يُدير ظهرَه و .. ذَابَ بالأُفقْ .. و كل نبضة في قلبِها ترجوه أن يرجع , هي ستنتظر , ستحتملْ , هي تُحِبُّهْ ...
لكنّهُ أنانيّ , نعم .. قالتها وهي تنظر في مرآة الحمّام بوجهها الشاحبْ ,,لكن لا .. , تّشُدُّ قامتها وترفع رأسها وتمسح دموعها , ثمّ ترتدي ملابسها ,, لقد ..
لقدْ قرّرَتْ أن تمنحَ كبرياءها فرصة للحياة ثانيةً ,, ستنســــاه !
<<جملة اعتراضية- هي تعلم أنها ستصمد قليلاً لكنْ ما إن يحلّ اللّيْل ستلجأُ إلى أحضانه كطفلةٍ (بدها دفا) !
تخرج من الحمّام على وقع أنغام اعتزلت الغرام , تهرع إلى هاتفها المحمول , إنـــهُ هــــوَ !
قلبُها ينتفض , تدور الغرفة رقصاً .. لمْ تَرُدّ , ليْس لأنّها لا تريد .. بل لتتأنّق لهْ ؛ فهو يراها .. يراها بعيْنيْهِ البُنّيتيْن .. ستكون بأبهى حلة , تنظر إلى المرآة , تَطْمَئن على صورتها و .. سكتتْ ماجدة ..
بابتسامة الواثق ( وبشيء من اللؤمْ ) تُكلّمُ مرآتَها : لا بأس , سيعود !
لقدْ قَرّرًتْ ألا تدع كبرياءها يظلمها كما فعل حبيبُها ..
ماجدة تعاود الغناء : اعتزلت الغــــــــــــــــرام ..
فيقطع صراخها صوتُه الخاضع :
- آسف , نسيتُ أن أقول شيئاً ..
- ماذا؟!
- أَشْتَاقُكِ .., ظَلّي ..
*مُجرّدْ قِصّة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق